وصلى الله على سيدنا محمد الحافظ بنور جلاله صحيح مقاله وعلى آله وسلم. لا إله إلا الله محمد رسول الله في كل لمحة ونفس عدد ما وسعه علم الله.
قال الله تعالى وهو أصدق القائلين: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة:183).
يقول العبد الفقير إلى رحمة ربه: أتكلم على هذه الآية الشريفة بما يفتح الله به عليَّ.
اشتملت هذه الآية الشريفة على سبعة مباحث:
(الأول) نداء الله تعالى لعبيده المشعر بزيادة اعتنائه بهم وتكريمه لهم.
(الثاني) وصفهم بالإيمان الذي هو أعظم نعمة تستلزم امتثال الأمر الآتي.
(الثالث) وصفهم بالعبودية التي يتضمنها الإيمان؛ لأن المؤمن هو الذي يعتقد بقلبه أن الله تعالى إلهه وخالقه وأنه هو عبد الله لا حول ولا قوة له إلا بالله العلي العظيم.
(الرابع) ذكر الفرض الواجب.
(الخامس) ذكر الصيام.
(السادس) ذكر تعلق الصوم بالذين من قبلنا.
(السابع) ذكر التقوى.
الأول: من المباحث السبعة للآية الكريمة نداء الله تعالى لعبيده
فالنداء يتضمن سبعة أشياء:
(الأول) علم المخاطب بحال مخاطَبِه.
(الثاني) طب الإقبال من المخاطب.
(الثالث) طلب إصغائه.
(الرابع) طلب امتثاله.
(الخامس) طلب الأدب من المخاطَب لعلمه بمخاطِبه.
(السادس) طلب العلم من المخاطَب بمخاطِبه.
(السابع) تطهير باطنه وظاهره.
(الأول) علم المخاطَب بحال مخاطَبِه فهو عبارة عن أن يعتقد الإنسان المخاطب أن الله تعالى عليم به إذ خلقه من العدم خبير بمصلحته حيث ركبه من أجزاء مختلفة، وجعل له أمعاء باطنة وأشباحًا ظاهرة، وجعل الظاهر يمتد قواه من الباطن، فلذلك إذا أمره بأمر أو نهاه عن شيء فليعلم أن ذلك لحكمة تدرك للعقل السليم وإن لم يظهرها الشارع (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) (الملك:14)، (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً) (المؤمنون: من الآية 115)، فبعد أن تبين لك أنه يعلم جميع خلقه وما هم عليه وما يليق بهم تدرك أنه لم يختلف شيئًا عبثًا بل كل مخلوقاته لحكمة، وكل أفعاله لحكمة، وكل أوامره ونواهيه لحكمة، وقد أمرنا الله تعالى بالصوم وبين لنا حكمته بقوله: (لعلكم تتقون) وقد أدركت أيضًا حكمة الصوم جميع العلماء والأطباء وغيرهم.
المصدر: كتاب أسرار الصوم لفضيلة الشيخ صالح الجعفرى
الجامع الجعفرى الدراسة 2021 - كل الحقوق محفوظة