الإمام العارف، والعالم الزاهد، صاحب الإشارات والحكم، تاج الدين بن عطاء الله أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد الكريم الجزامى الإسكندرى، مالكى المذهب، جند قلبه للدعوة إلى طريق الله، فكتب الدرر التى تركها أنجماً ومعالماً تهدى طريق السائرين إلى الله تعالى..
مولده:
ولد بمدينة الإسكندرية حيث تقيم أسرته، وحيث كان جده يشتغل بالتدريس، وكان مولده ما بين سنتى 658هـ ، و 679 هـ، هكذا ذكرت المراجع.
تتلمذ على أشهر فقهاء الإسكندرية فى ذلك العصر، ومنه الفقيه ناصر الدين المنير الجذامى الإسكندرانى.
وأخذ العهد من الإمام والولى سيدى القطب الجليل أبو العباس المرسى الذى قال عنه سيدى أبو الحسن الشاذلى : إنه بطريق السماء أعرف منه بطريق الأرض، وبعد انتقال سيدى أبى العباس المرسى قام ابن عطاء الله على الطريقة الشاذلية داعياً لها ، إلى جوار قيامه بالتدريس بمدينة الإسكندرية، فلما رحل إلى القاهرة اشتغل بالعلم والتدريس والوعظ، وتولى التدريس بأكبر الجامعات الإسلامية فى ذلك الوقت، يقول ابن حجر: ( كان ابن عطاء يتكلم بالجامع الأزهر فوق كرسى ( أى أستاذ كرسى ) بكلام يروح النفس، ويمزج كلام القوم بآثار السلف وفنون العلم، فكثر أتباعه، وكانت عليه سيما الخير).
مصنفاته:
– التنوير فى إسقاط التدبير.
– الحكم العطائية .
– لطائف المنن.
– تاج العروس فى تهذيب النفوس.
– مفتاح الفلاح.
– القصد المجرد فى الإسم المفرد.
وغير ذلك مما حاز تقدير العلماء والمحققين.
ومن كلامه فى الحكم:
– ( من علامة الاعتماد على العمل، نقصان الرجاء عند وجود الزلل).
– ( لا تترك الذكر لعدم حضورك مع الله فيه، لأن غفلتك عن وجود ذكره أشد من غفلتك فى وجود ذكره، فعسى أن يرفعك من ذكر مع وجود غفلة إلى ذكر مع وجود يقظة، ومن ذكر مع وجود يقظة إلى ذكر مع وجود حضور، ومن ذكر مع وجود حضور إلى ذكر مع وجود غيبة عما سوى المذكور، وما ذلك على الله بعزيز).
– معصية أورثت ذلاً واحتقاراً، خير من طاعة أورثت عزاً واستكباراً).
وفاته وضريحه:
توفى سنة 709 هجرية فى جمادى الآخرة وكانت وفاته بالمدرسة المصنورية التى كان يدرس بها ، وكانت جنازته حافلة بجمهور كبير من أهل القاهرة الذين شيعوه إلى ضريحه تحت جبل المقطم بالقاهرة ، اللهم انفعنا به .
وقد ذكر شيخنا الإمام الجعفرى بعضاً من مناجاته وكلامه مع الله تعالى وبيَّن لنا سمو حاله وتقواه ودرجة علمه.فقال شيخنا فى درس الجمعة الجزء الأول : ( الشيخ حمد بن عطاء الله يناجى الله تعالى فى حال الصفاء والوفاء والأذكار فيقول: من وجدك فما فاته شئ، ومن فقدك فقد فاته كل شئ ) ويشرح شيخنا كلام سيدى ابن عطاء الله قائلاً: أى من عرفك وعبدك وأسلم أمره إليك واعتز بك وقرأ كتابك ووجد حلاوة فى كلامك ما فاته شئ، ومن فقدك أى فقد معرفتك بقلبه فيكون كمن فاته كل شئ فى الدنيا والآخرة ، ويقول ابن عطاء الله أيضاً: عميت عين لم ترك رقيباً، وخسرت تجارة من لم ينل من حبك نصيباً، متى غيبت حتى تحتاج إلى دليل؟ وأنت حسبى ونعم الوكيل.
وابن عطاء الله السكندرى شخصية صوفية مصرية لها خطرها فى التصوف الإسلامى ، ويعد حقاً مثلاً للتصوف فى النصف الأخير من القرن السابع وأوائل القرن الثامن الهجرى ، وكان أديباً بارعاً أثرت به المكتبة الإسلامية عموما والمكتبة الصوفية خاصة ، وذلك من خلال كلمات خالدة على مر الزمان، فقد ألف : الحكم العطائية ،والتى توفر على شرحها عدد كبير من العلماء والحكماء، والتنوير فى إسقاط التدبير ، ولطائف المنن ، ومفتاح الفلاح ومصباح الأرواح ، وعنوان التوفيق فى آداب الطريق .صحب سيدى أبو العباس المرسى وتتلمذ عليه صحبة دامت اثنتى عشرة سنة ، وكان قبل ذلك فقيهاً تتلمذ على يديه أكابر العلماء
الجامع الجعفرى الدراسة 2021 - كل الحقوق محفوظة