• العنوان صالح الجعفري، الجمالية، قسم الجمالية، محافظة القاهرة‬
  • اتصل بنا +20225881313
  • +20225881313

مولانا الإمام الحسن بن على رضى الله عنه

مولد الإمام الحسن رضى الله عنه:

وُلِدَ الإمام الحسن – رضى الله عنه – للنصف الأول من شهر رمضان من السنة الثالثة للهجرة فى أشرف بيت من بيوت العرب؛ بيت سيدنا رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – وأسرع سيدنا رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – لبيت السيدة فاطمة الزهراء لاستقبال حفيده الأكبر فاستقبله فى فرح وسعادة بالغة، وأذَّن فى أذنه.

ولما حضر سيدنا رسول الله  – صلى الله عليه وآله وسلم – قال: ” أرونى إبنى .. ما سميتموه؟ قال الإمام على: ” سميناه حرباً “، فقال رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – : ” بل هو حَسَن “.

حيث نزل الوحى على النبى الكريم – صلى الله عليه وآله وسلم – وقال جبريل الأمين لسيدنا رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – “سّمِّهِ حَسَناً”، وقد كان.

وعقَّ عنه سيدنا رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – بكبشين أمْلَحَيْن، وأعطى القابلة فخذاً وديناراً، وقال سيدنا رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – للسيدة فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين – رضى الله عنها – : ” يا فاطمة .. إحلقى رأسه، وتصدقى بزنة شعره فضة “.

وقد أجرى سيدنا رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – للإمام الحسن – رضى الله عنه – الختان فى اليوم السابع من ولادته، وجاء فى الحديث الشريف : ” إنَّ الله جعل ذرية كل نبىٍّ فى صلبه، وجعل ذريتى فى صلب علىّ”.

نشأته – رضى الله تعالى عنه – :

نشأ سيدنا الإمام الحسن – رضى الله تعالى عنه – نشأة شرعية قوامها كتاب الله؛ حيث قام على تربيته جده المصطفى – صلى الله عليه وآله وسلم – فكان يحبه حباَ شديداً حتى كان يقبل زبيبته وهو صغير (والزبيبة قرحة سوداء على الجبين) وكان – صلى الله عليه وآله وسلم يُقَبِّلُه ويداعبه.

روى البخارى عن أبى بكرة – رضى الله عنه – قال: رأيت رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – على المنبر، والحسن بن على معه وهو يقبل على الناس مرة وعليه مرة، ويقول: ” إن ابنى هذا سيد، ولعلَّ الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين”.

يقول عنه سيدى الشيخ صالح الجعفرى – رضى الله تعالى عنه -:

وسَيَّدَكَ النَّبِىُّ وقال إِبْنى
فأصْلَحَ بيْنَهُمْ وتراه بدْراً

 

 

سيُصْلِحُ بيْنَ جيشِ المؤمنينا
زهيداً فى حُطام المُتْرَفينا

 

وشمله جده المصطفى – صلى الله عليه وآله وسلم – بالعناية والرعاية والمكرمات العظيمة والمُثُل العليا النبيلة، والقِيَم المحمدية الشريفة، وكان يحْنُو عليه حُنُوَّاً عظيماً، ويصحبه فى كثير من أوقاته هو وسيدنا الإمام الحسين رضى الله عنه، ويرسم لهما محاسن الفعال ومكارم الأخلاق، ومدحه سيدنا الشيخ صالح الجعفرى – رضى الله تعالى عنه – قائلاً:

أيا حَسَنُ المُكَرَّمُ نِلْتَ فضلاً

 

 

وإخلاصاً وإرشاداً مُبيناً

 

وقال سيدنا رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – عن مولانا الإمام الحسن – رضى الله تعالى عنه – : ” من سَرَّهُ أن ينظر إلى سيِّدِ شباب أهل الجنَّةِ فلينْظُرْ إلى الحَسَنِ بن على “.

وفى الحديث قال رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – للإمام الحسن: ” اللهم إنى أحبه فأحبه وأحب من يحبه “.

وأخرج الحاكم عن ابن عباس قال: أقبل النبى – صلى الله عليه وآله وسلم – وقد حَمَلَ الحَسَن على ركتفه الشريف فلقيه رجل فقال: نِعْمَ المركب ركبت يا غلام، فقال النبى – صلى الله عليه وآله وسلم – : ” ونِعْمَ الراكبُ هُوَ “.

أوصافه وملامحه – رضى الله تعالى عنه – :

كانت السيدة فاطمة الزهراء تداعب الإمام الحسن بن على وتقول: ” بأبى شبيه بالنبى ، ليس شبيهاً بعلىَّ “.

يقول سيدنا علىٌّ – كرَّم الله وجهه – : الحَسَنُ أشبه برسول الله ما بين الصدر إلى الرأس، والحسين أشبه برسول الله ما أسفل من ذلك، لذلك قال شيخنا الإمام الجعفرى – رضى الله عنه – :

شَبيهٌ بالنَّبىِّ له كمالٌ

 

 

وإخْباتٌ يفوق المخبتينا

 

وكان للإمام الحسن بن على – رضى الله عنه – مناقب كثيرة منها أنه كان يكره الفتن والسيف، شديد التقى والنقاء، والصفاء والوفاء، وأخلاقه أسمى من أن يحصيها عادٌّ فقد كان – رضى الله تعالى عنه – جامعاً لمكارم الأخلاق.

لقد كان الإمام الحسن – رضى الله عنه – يحج إلى بيت الله الحرام ماشياً ونجائبه تقاد بين يديه ويقول: ” إنى أستحيى من ربى عزَّ وجلَّ أن ألقاه ولم أمشِ إلى بيته “.

آلقابه – رضى الله تعالى عنه – :

ولقد لُقِّبَ الإمام الحسن – رضى الله عنه – بألقاب عديدة وكثيرة منها: التقىّ، والطيِّب، والولىّ، والسيِّد، والسبط، وأمير المؤمنين، وإن كان أشهرها “السبط” وقد كان من ألقابه عميد أهل البيت بعد أبيه – رضى الله عنهما – ومن ألقابه أيضاً : حليم أهل البيت.

مظاهر شخصية الإمام الحسن رضى الله عنه :

لقد بيَّن سيدنا الشيخ صالح الجعفرى – رضى الله تعالى عنه – شخصيته عندما مدحه قائلاً:

لهُ حِلْمٌ لَهُ كَرَمٌ وَ جُودٌ

 

 

يفُوقُ به عطاء المُنْفقينا

 

كان الإمام الحسن – رضى الله عنه – حادَّ الذكاء، حاضر البديهة، قوى الحجَّة، خطيباً راشد الرأى حكيماً، راضياً بالمقدور، وذلك من علامات اليقين، وكان – رضى الله عنه – يكظم الغيظ ويملك النفس، فمما شهد له به خصومه أن حلمه كان يوزن بالجبال، وقد كان – رضى الله عنه – عذب الروح، حلو الحديث، كريم المعاشرة، حسن الألفة، يعطى المال حين يُسأل وحين لا يُسأل، ذا هيبة ووقار، يُحسَب له حساب عند الأمراء من بنى أمية حتى قال معاوية – رضى الله عنه – : والله ما رأيته جالساً عندى إلى خفت مقامه.

وكان – رضى الله عنه – رجل سلام وفىَّ العهد، فحين سالَمَ سيدنا الإمام الحسن سيدنا معاوية – رضى الله عنه – إنما سالمه ابتغاء مرضاة الله لا خوفاً من أحد، ولا خوف الحرب، فلد ردَّ على أحد أعوانه حين أشار عليه بنقض صحيفة الصلح بينه وبين سيدنا معاوية قائلاً: “إنى لو أردت بما فعلت الدنيا لم يكن معاوية بأصبر عند اللقاء ولا أثبت عند الحرب منى، ولكن أردت صلاحكم وكفَّ بعضكم عن بعض، فارضوا بقدر الله وقضائه حتى يستريح بارٌّ أو يُسْتَراح من فاجر”

ومن يستطيع أن يظهر مظاهر شخصية مولانا الإمام الحسن إلا مولانا الإمام الحسين حين وقف على قبر أخيه الإمام الحسن وهو فى موقف الحزن الشديد الذى يشتت الأفكار ويعجز الألسنة، قال: ” رحمك الله يا أبا محمد .. أن كنت ناصراً للحق، تؤثر الله عند مداحض الباطل فى مكان التقية بحسن الروية، تستشف جليل معاظم الدنيا بعين حاذرة وتقبض عليها بيد طاهرة، وتروح ما يريده أعداؤك بأيسر المؤمنة عليك وأنت ابن سلالة النبوة ورضيع لبان الحكمة”.

من أقواله – رضى الله عنه – :

الغنيمة: الرغبة فى التقوى، والزهادة فى الدنيا، فذلك الغنيمة الباردة.

المجد: أن تعطى فى العدم، وتعفو عن الجرم.

العقل: حفظ القلب كل ما استوعبته.

الثناء: إتيان الجميل وترك القبيح.

الحزم: طول الأناة والرفق بالولاة.

السفه: اتباع الدناءة ومصاحبة الغواة.

الغفلة: ترك المجد وطاعة المفر.

الحرمان: ترك حظك وقد عُرِضَ عليك.

وبعد: فهذا قبس وسيرة حليم آل البيت وسيد شباب أهل الجنة الإمام أبى محمد الحسن بن على – رضى الله تعالى عنهما – وإن كانت أوصافه وملامحه وشمائله أوسع من أن يدونها مخطوط.

وفى الختام: أخرج الديلمى عن الإمام على – رضى الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم -: ” أربعة أنا لهم شفيع يوم القيامة : المكرم لذريتى، والقاضى لهم الحوائج، والساعى لهم فى أمورهم عندما اضطروا إليه، والمحب لهم بقلبه ولسانه”.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم فى كل لمحة ونفس عدد ما وسعه علم الله.

الجامع الجعفرى الدراسة 2021 - كل الحقوق محفوظة